د. يوسف الحزيمري
قال تعالى:{وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان:52].
هي دعوة لنبينا صلى الله عليه وسلم أن يجاهد الكفار بالقرآن الكريم، وهو جهاد بما احتواه من أنواع الإعجاز المختلفة، ومن الأدلة والبراهين القاطعة على التوحيد وصدق النبوة، ومن الدعوة إلى الدخول في الدين الخاتم.
وإذا علمنا أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب بل بأفصحها لغة قريش، كان الدفاع عنها دفاعا عن القرآن الكريم الذي هو دستور المسلمين المنظم لوجودهم الاستخلافي على هذه البسيطة، بمعنى أن وجودنا الحضاري، وتدافعنا مع الأمم الأخرى مرهون بمدى قدرتنا على الدفاع عن لغة القرآن.
وإذا عدنا إلى أسلافنا وجدناهم قد وعوا هذه الضرورة الحضارية، فعملوا على خدمة لغة القرآن الكريم على جميع المستويات تركيباً ودلالة وتصويراً وصوتاً، وجمعا وتأليفا وتوثيقا، فخلفوا لنا تراثا حفظ لغتنا العربية ومن ثم هويتنا، وأبقانا على اتصال وثيق بتراثنا الحضاري.
ونحن اليوم إذا أردنا الشهود الحضاري، والقيام بمسؤوليتنا الاستخلافية، وأداء أمانة الدعوة، ومسؤولية الشهادة على الناس، فعلينا البدء من حيث انتهوا، وذلك بمواصلة خدمة لغة القرآن الكريم بالدفاع عنها، ليس بعقد المؤتمرات والندوات والخروج بتوصيات تبقى حبيسة الأوراق فقط؛ بل بالعمل الدؤوب على تفعيل تلك التوصيات وتنزيلها على أرض الواقع.
إننا اليوم محتاجون إلى استيعاب تراثنا اللغوي، استيعابا يقدرنا على تطوير أساليب جديدة لتدريس اللغة العربية لأبنائنا، بل وأساليب جديدة أيضا لتدريسها لغير الناطقين بها، فهذا تحديان في عصر الثورة التكنولوجية والمعلوماتية التي أصبحت تسحب البساط من تحت أرجل نظامنا التربوي والتعليمي.
إن المستشرقين لما حاولوا الوقوف على سر حضارتنا الإسلامية، لم يجدوا سبيلا للوقوف على هذا السر سوى تعلم اللغة العربية، وبالفعل تعلموا واستوعبوا تراثنا، ومنه انطلقوا لبناء نهضتهم الحضارية التي تستقوي الآن على أمة الإسلام.
لكن ينبغي أن ننظر إلى الأمر الإيجابي في المسألة، وهو أنهم من حيث وقفوا على نقط القوة في حضارتنا وجدوها في القرآن الكريم وما ارتبط به من علوم شرعية وعقلية، ومنها اللغة التي نزل بها، فمن حيث أرادوا إضعاف هذه القوة بإبعاد المسلمين عن لغتهم، قدموا لتراثنا خدمة جليلة من حيث لا يشعرون{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30].
فالواجب الآن يتأكد أكثر من أي وقت مضى، في القيام بالدفاع عن اللغة العربية، من منطلق {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:61]، وتطوير الدرس اللغوي هو من بين هذه القوى.
وما الاعتراف باللغة العربية ضمن اللغات العالمية، وجعل يوم عالمي لها إلا خطوة ضئيلة في ظل صراع الوجود والتدافع الحضاري.
د.يوسف الحزيمري
آخر الأخبار
- الفنان عبد المالك الأندلسي يعود للغناء بعد تماثله للشفاء
- وزارة اوقاف وشؤون الإسلامية تفتح تحقيقا في تفويتات تابعة للاوقاف تطوان
- يوسف بنجلون ينقل اكراهات البحارة الى قبة البرلمان
- العربي غجو: أحمد بنميمون عنوان مرحلة ورمز جيل شعري
- الفنانة مونيا تطرح جديدها بعنوان “كعبي عالي”
- رابطة تطالب بانشاء مركز للامتحان لطلبة الحسيمة بمدينتهم
- “جمعية أحضان” .. أحضان الأيتام بالمحمدية
- سفير الكويت بالرباط.. موقف بلاده ثابث من الصحراء
- قراءة في كتابات عصمت شاهين دوسكي
- حكم ترتدي ثوب الشعر